الحب قبل أم بعد الزواج
بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا نعرف أن ما شرع الزواج إلا لتحصيل فوائد كثيرة منها , الحفاظ علي النوع البشري , والبحث عن سعادة الزوجين , وبث روح المحب والمودة بينهما , وربط علاقات طيبة بين الأسر فيما بعد . وعفاف المجتمع من الوقوع في الرذائل التي تهدم المجتمعات بكثرت الأمراض والأوبئة .
وللزواج طرق تختلف من عصر إلى آخر حيث بدأت بشكل بسيط وهو القبول بالبعض بين الذكر والأنثى وتطور بتطور المجتمعات والعادات وتأثير الأديان حيث ساهمت في تنقيح عملية الزواج وجعلت لها أسس وقوانين وشروط لابد من توافرها في كلا الجنسين ليتم الزواج بينهما .
ولما قالوا ان الزواج الناجح مبني علي الحب .. أرادوا من ذلك تشويه الحب الحقيقي الذي هو أساس نجاح الزواج .. فإن الحب أفسد الزواج من ناحية وساهم في نجاحه من ناحية أخرى , كيف ؟ : ألم ترى يا اخي ويا اختي أن الزواج في الإسلام هو مفتاح المحبة بين الزوجين ، بخلاف ما ماتروجه الأفلام والمسلسلات من أفكار مستوردة وبعيدة عن الواقع الذي نعيشه , صورت للجميع أن الحب قبل الزواج هو سبب نجاحه , بدعوتها للحب قبل الزواج... فالحب قبل الزواج حب بلا مسؤولية يعتمد علي الكلمات المعسولة ويؤدي إلى الخلوة المحرمة , فلا ينتج استمرارية وإنما ينقضي بإنقضاء الحاجة . لأن ما يراه الشاب عند مقابلة الفتاة إنما هو شعور بالإعجاب وليس حب ... كما أن كثرة تبادل مشاعر الحب قبل الزواج تشعر الاثنين بعد الزواج بالملل لأنهما لايجدان جديد في اظهار مشاعر الحب لبعضهما فتبدأ المشاكل.
وفَتح هذا الحب المزعوم المبني علي الكلام فقط شهية الذئاب البشرية التي لا هم لها الا هتك الأعراض والتغرير بالغافلات فكان الفساد والدمار والانحراف ومن هنا تكمن خطورة هذه المشكلة . فهم ممن قال الله فيهم : ( وإذا قيل لهم لاتفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لايشعرون( .
وهل تعتقد أن زواجا يبدأ بما حرم الله يؤتي ثماره , ويستمر وتسودة المحبة , لا لن يدون ولا بركة فيه , وكثير من حالات الطلاق في مجتمعنا تثبت صحة ذلك .
والناس يدركون أهمية المحبة وأثرها على الحياة الزوجية ، لكنهم يخطئون الطريق وتزل بهم القدم ، لبعدهم عن تعاليم الإسلام .
يقول الحق تبارك وتعالي موضحا الحب بعد الزواج : " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " ( آيه 21 الروم ) السكن و المودة والرحمة هم أساس العلاقة بين الزوجين , وفي قوله تعالى (أزواجا) إعلان بأن السكن والمودة لا تتحقق إلا بالزواج وكأن الحب الصحيح والحقيقي لا ياتي بثماره إلا بعد الزواج ولهذا جاء السكن سابقا للمودة والرحمة , وفي قوله (بينكم) أي أن العملية متبادلة بين الزوج والزوجه .. والمودة هي اللين والبشاشة والمؤانسة والبساطة والتواضع والصفاء والرقة والألفة والتآلف، وإظهار الميل والرغبة , وكلها من مقومات الحب الصحيح .
يقول بن كثير في تفسير هذه الآية : " وجعل بينهم وبينهن مودة وهي المحبة والرحمة وهي الرأفة فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها أو رحمة بها أو للألفة بينهما وغير ذلك " وذلك بلا شك معنى أشمل وأرقى وأسمى بكثير من حب تلك الصور الخيالية التي تصورها لنا الأفلام والروايات .
هذه توضيحات تبين الفرق بين الحب الحقيقي الواقع بعد الزواج وما يصور في وسائل الأعلام من حب زائف محرم قبل الزواج.
نأمل أن نكون قد فتحت بابا للنقاش , وخطوت خطوة علي الطريق , أو أضأت شمعة علي الدرب لنتلمس الطريق الصحيح من أفكار الإخوة والأخوات حول هذا الموضوع .
وفقنا الله جميعا لما فيه خير الشباب والشابات لتطوير مجتمعنا والتمسك بعقيدتنا
ودمتم في سلام ومحبه